الاخبار

رسوم ترامب الجمركية.. خصوم واشنطن وشركاؤها ينددون

لاقى فرض ترامب حزمة جديدة من الرسوم الجمركية تنديدا من شركاء واشنطن وخصومها وسط تحذيرات من مخاطرها الجسيمة على الاقتصاد العالمي وتعهدت دول بالرد، فيما طالبت أخرى باتخاذ مبادرات تهدئة.
ووقع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الأربعاء (الثاني من أبريل/نيسان 2025) على أمر تنفيذي فرض بموجبه “رسوما جمركية متبادلة” على واردات بلاده من “دول العالم أجمع” لكن بنسب متفاوتة.
وأعلن ترامب في خطابه المطوّل أنّ قراره هذا إنما هو بمثابة “إعلان استقلال اقتصادي” للولايات المتحدة و”يوم تحرير” لها. وأثارت الخطوة تنديدا من شركاء واشنطن وخصومها.
ورغم ذلك، حاول شركاء الولايات المتحدة الاستعداد للصدمة باعتماد خطاب حازم وفي الوقت نفسه إبداء استعداد للحوار واتخاذ مبادرات تهدئة.
فقد تعهّد رئيس الوزراء الكندي مارك كارني الردّ على رسوم ترامب، معتبرا أنها “ستغيّر جذريا” التجارة الدولية.
وقال كارني في أوتاوا “سنتصدى لهذه الرسوم الجمركية بإجراءات مضادة”، معتبرا أن الرسوم على الصلب والألمنيوم والسيارات “ستؤثر مباشرة على ملايين الكنديين”.
“ضربة كبيرة”
وأعلنت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين الخميس (الثالث من أبريل/نيسان 2025) أن الرسوم الجمركية الجديدة تشكل “ضربة كبيرة” للاقتصاد العالمي.
وأبدت فون دير لايين “أسفها العميق” لقرار ترامب، قائلة إن الأوروبيين “مستعدون للرد” ويعملون على “حزمة جديدة من التدابير المضادة” في حال فشل المفاوضات مع الإدارة الأمريكية.
ورغم ذلك، أبقت المسؤولة الأوروبية الباب مفتوحا أمام المفاوضات مع الإدارة الأمريكية، معتبرة أنه من الممكن إيجاد حل تفاوضي.
وقالت فون دير لايين “لم يفت الأوان بعد لمواجهة المخاوف عبر المفاوضات”، مؤكدة أن مفوض التجارة الأوروبي ماروس سيفكوفيتش “على اتصال دائم” مع نظرائه الأمريكيين. وأضافت “سنسعى لتقليل العقبات، وليس لزيادتها”.
وفي سياق متصل، قالت الناطقة باسم الحكومة الفرنسية صوفي بريماس إن الاتحاد الأوروبي يعتزم في رده على الرسوم الجمركية التي أعلنها دونالد ترامب “استهداف الخدمات الرقمية”.
“التحلي بالهدوء”
وفي ألمانيا، أكبر اقتصاد في الاتحاد الأوروبي، دعت صناعة الكيميائيات الألمانية التي تُعتبر الولايات المتحدة أكبر مستورد لمنتجاتها، الاتحاد الأوروبي إلى “التحلي بالهدوء” في ردّه على رسوم ترامب، مؤكّدة أنّ “التصعيد لن يؤدي إلا إلى تفاقم الضرر”.
وقال اتحاد الصناعات الكيميائية الألمانية “في آي سي” الذي يضمّ خصوصا شركتي باير وباسف العملاقتين “نأسف لقرار الحكومة الأمريكية. من المهمّ الآن لكل الأطراف المعنية التحلّي بالهدوء”.
في المقابل، ندّد اتّحاد صناعة السيارات الألماني (في دي إيه) بالرسوم الجمركية، مطالبا الاتحاد الأوروبي بالردّ عليها بقوة كونها “ستُسبّب خسائر فادحة” ومناشدا إياه في الوقت نفسه “الاستمرار في التعبير عن استعداده للتفاوض”.
وحذّر الاتّحاد من أنّ الخسارة لن تقتصر على ألمانيا، بل ستطال المستهلك الأمريكي وصناعة السيارات الأمريكية نفسها، مناشدا التكتل الأوروبي إبرام اتفاقيات للتجارة الحرة “مع أكبر عدد ممكن من المناطق في العالم” لكي يصبح الاتحاد الأوروبي “بطلا للتجارة العالمية الحرة والعادلة”.

“إضعاف الغرب”
وأوروبيا، أعلنت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني أنّ رسوم ترامب “إجراء سيّئ”، محذّرة من أنّ اندلاع حرب تجارية لن يؤدّي إلا إلى إضعاف الغرب.
وقالت ميلوني في بيان إنّ “فرض الولايات المتحدة رسوما جمركية على الاتحاد الأوروبي إجراء أعتبره خاطئا ولا يصبّ في مصلحة أيّ من الطرفين. سنبذل قصارى جهدنا للتوصل إلى اتفاق مع الولايات المتحدة لتجنب حرب تجارية ستؤدّي حتما لإضعاف الغرب لصالح جهات فاعلة عالمية أخرى”.
وقال وزير الخارجية الدنماركي لارس لوك راسموسن إنّ “الجميع استفادوا من التجارة العالمية. لا أفهم لماذا تريد الولايات المتحدة شنّ حرب تجارية على أوروبا. لا أحد ينتصر، الجميع خاسرون”، مؤكدا أنّ “أوروبا ستبقى موحّدة. أوروبا ستقدّم ردودا قوية ومتناسبة”.
وفي بريطانيا، أعلن وزير التجارة جوناثان رينولدز أنّ المملكة المتّحدة ما زالت ملتزمة التوصّل لاتفاق مع الولايات المتحدة “لتخفيف” تأثير الرسوم الجمركية الأمريكية الجديدة، مشدّدا على أنّ لندن لا تعتزم اتّخاذ إجراءات انتقامية في الحال.
وقالت الرئاسة الفرنسية إن الرئيس إيمانويل ماكرون سيعقد اجتماعا مع ممثلي قطاعات الأعمال المتضررة من الرسوم الجمركية في قصر الإليزيه في وقت لاحق من اليوم.
الصين تتوعد
أما الصين، فقد طالبت الولايات المتحدة بإلغاء أحدث رسومها الجمركية على الفور وتوعدت باتخاذ إجراءات مضادة لحماية مصالحها.
وقالت وزارة التجارة الصينية في بيان إن الخطوة الأمريكية تتجاهل توازن المصالح الذي تم التوصل إليه عبر مفاوضات تجارية متعددة الأطراف على مر السنين، كما تغفل حقيقة استفادتها الكبيرة من التجارة الدولية.
وأضافت الوزارة أن “الصين تعارض هذا الأمر بشدة، وستتخذ إجراءات مضادة لحماية حقوقها ومصالحها”.
تبرت تايوان أن الرسوم الجمركية عليها “غير معقولة” وقالت إن الحكومة تخطط لإجراء “مفاوضات جادة” مع واشنطن.
وحذّرت اليابان من أنّ الرسوم الجمركية الجديدة التي فرضها ترامب قد تنتهك قد منظمة التجارة العالمية والمعاهدة التجارية المبرمة بين البلدين.
وأعلن وزير التجارة والصناعة الياباني يوجي موتو أنّ طوكيو أبلغت واشنطن بأنّ الرسوم الجمركية هي إجراء “مؤسف جدا”.
“غير مبررة”
أما في أمريكا اللاتينية، فقد أقرّ البرلمان البرازيلي قانونا يجيز للحكومة اتّخاذ إجراءات للردّ على أيّ قيود تجارية تعرقل صادرات البلاد، بينما قالت حكومة الرئيس اليساري لويس إيناسيو لولا دا سيلفا “تأسف للقرار الذي اتّخذته الحكومة الأميركية اليوم بفرض رسوم جمركية إضافية بنسبة 10% على كلّ الصادرات البرازيلية”.
وأضافت أنّها “بصدد تقييم كلّ الإجراءات الممكنة لضمان المعاملة بالمثل في التجارة الثنائية، بما في ذلك اللجوء إلى منظمة التجارة العالمية”.
تبر الرئيس الكولومبي غوستافو بترو أنّ “الحكومة الأمريكية تعتقد أنّ زيادة الرسوم الجمركية على وارداتها عموما قد تزيد الإنتاج والثروة والعمالة. برأيي، قد يكون هذا خطأ فادحا”.
وفي أستراليا، أعلن رئيس الوزراء أنتوني ألبانيزي أنّ رسوم ترامب “غير مبرّرة بتاتا” ومن شأنها أن تغيّر علاقة بلاده بالولايات المتّحدة.
واشنطن تحذر
وعلى وقع البيانات المنددة، خرج وزير الخزانة الأمريكي سكوت بيسنت دول العالم أجمع من الردّ على رسوم ترامب، وذلك تحت طائلة حدوث “تصعيد”.
وقال الوزير مخاطبا قادة هذه الدول “استرخوا، تحمّلوا الضربة، وانتظروا لمشاهدة كيف سيتطوّر الوضع، لأنّه إذا ردّيتم سيكون هناك تصعيد”.
وما إن وقّع ترامب أمره التنفيذي حتى انقلبت أحوال أسواق المال وتراجع سعر الدولار أمام العملات الرئيسة وارتفع سعر الذهب إلى مستوى قياسي.
المصدر: dw

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى