
كربلاء المقدسة- - عباس الرحيمي
نظمت العتبة العباسية المقدسة، حفل تخرج مركزيا لطالبات الجامعات العراقية والدول، فيما بارك المتولي الشرعي للعتبة العباسية السيد أحمد الصافي، الطالبات التي تخرجن ، مؤكداً أن المرأة المتعلّمة اليوم تُعقَد عليها الآمال.
وقال مراسل ()، أن العتبة العباسية المقدسة نظمت حفل تخرّج مركزياً لطالبات الجامعات العراقيّة والدول الإسلاميّة دفعة (بنات الكفيل) الثامنة الذي تقيمه شعبة مدارس الكفيل الدينيّة النسويّة التابعة لمكتب المتولّي الشرعيّ للشؤون النسويّة في العتبة المقدّسة تحت شعار (من نورِ فاطمةَ -عليها السلام- نُضيءُ العالَم) للعام الدراسيّ 2023 / 2024 وبمشاركة أكثر من 4000 طالبة من مختلف المحافظات العراقيّة وبعض الدول الإسلاميّة.
وبارك المتولي الشرعي للعتبة العباسية السيد أحمد الصافي، الطالبات المتخرجات ، داعيا الله ان يتمم فرحهن وعوائلهن الكريمة.
وقال السيد الصافي في كلمة مسجلة له بثت خلال الحفل، أن “المرأة المتعلّمة اليوم تُعقَد عليها الآمال، مَن أَحرى مِن المرأة المتعلّمة المتحضّرة المتنوّرة أن تُعقَد عليها الآمال”.
أدناه نص كلمة السيد الصافي:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ربّ العالمين، وصلّى الله على سيّدنا ونبيّنا أبي القاسم محمد وعلى آله الطيّبين الطاهرين.
السلام عليكم جميعاً ورحمة الله وبركاته، وأخصّ الإخوة الأفاضل الأساتذة الكرام والأستاذات الفاضلات والمكتب النسويّ وشعبة مدارس الكفيل وبناتنا المُحتفى بهنّ الخرّيجات.
أسأل الله تبارك وتعالى في هذه الليلة أن يتمّم فرحتهنّ وللعوائل الكريمة، اللواتي أتعبنَ الأنفس والأبدان في سبيل أن يجنينَ هذه الثمرة المباركة ويترقّبنَ هذه اللحظة المشوبة بالفرحة لما يرين من ثمار هذا الحصاد الذي طال انتظاره.
كان بودّي وما أسعدني -لولا إعاقة الظرف الصحّي الذي ألمّ بي على نحو المفاجأة أن أكون بين هذا الحضور الكريم خصوصاً بناتي اللواتي كنت أحرص أشدّ الحرص على أن أنتظر في كلّ سنة وفي كلّ عام هذا الاحتفال الكريم، وكنت أتابع تفاصيل هذا الاحتفال مع أخواتي في العتبة العبّاسية المقدّسة والإخوة الأعزّاء المسؤولين ابتداءً من السيّد الأمين العام وإلى جميع الإخوة أعضاء مجلس الإدارة ورؤساء الأقسام متابعةً دقيقةً حتّى لا يكون هناك أيّ خللٍ أو تقصير ولكي يكون هذا الاحتفال على أتمّ ما يكون ولكن على كلّ حال إن شاء الله تعالى يكون هذا الاحتفال لا يختلف إن لم يكن أفضل عن سابقه.
لقد تكلّمنا كثيراً عن الجدوى الحقيقيّة لهذه الاحتفالات وأنا أحبّ دائماً أن أنظر من منظورٍ إيجابيّ وعمليّ، بودّي الآن أن أختصر الحديث وأتكلّم مع بناتي حول الموضوع الذي دعانا إلى أن نكون بخدمتهنّ في موضوع التخرّج، أقول هناك جهاتٌ تستأنس وتستبشر عندما ترى هذه المجموعة في هذه الحالة، يعني صورة التخرّج وصورة الانتقالة لابنتنا وهي قد تجاوزت الاثنين وعشرين أو الثلاثة وعشرين أو الأربعة وعشرين، بحسب صنف الكليّة التي تخرّجت منها، ثمّ انتقلت إلى حياةٍ أخرى جديدة، هناك جهاتٌ تفرح، تستأنس، تستبشر وهي ترى هذه الثمار، تترقّب هذه الثمار من أجل أن تبدأ مسيرةً ثانيةً، مسيرةً جديدةً فيها أمل وعطاء.
المرأة المتعلّمة اليوم تُعقَد عليها الآمال، مَن أَحرى مِن المرأة المتعلّمة المتحضّرة المتنوّرة أن تُعقَد عليها الآمال؟!.
طبعاً لا بُدّ أن نلتفت إلى مسألةٍ مهمّة، وهي أنّ الإنسان في بعض الحالات يتخرّج من الجامعة لكنّه يبقى غير متحضّر، نعم.. هناك مشاهد يخجل الإنسان منها إذ يرى الإنسان الآن أيضاً أن هناك احتفالاتٍ تُوسَم بأنّها احتفالات تخرّج، وأيضاً هذه الطالبة قد تخرّجت من الجامعة وهي بالمقاييس العلميّة تُعد متخرّجة أي متعلّمة لكنّها غير متحضّرة، انقلبت الموازين وهناك فتاةٌ تجاوزت العشرين وتعليمها تعليمٌ متوسّط لكنّها متحضّرة، تفهم ماذا تريد، دقيقةٌ في طرح قضيّتها، تحلّل الأمور بشكلٍ جيّد، حذرة فطنة ذكية، نعم هذه متحضّرة.
أنتنّ لا بُدّ أن تكُنّ في حالة التخرّج والتحضّر كذلك، المقصود من التحضّر هو أن لا تكون المساحة النفسيّة التي عندكم مرتعاً للشيطان، هذا الذهن.. الفكر.. يجب أن لا يكون مرتعاً للشيطان، القلب الذي تحملونه يجب أن لا يكون ساحةً من ساحات الهوى، والمقصود ساحات الهوى الضالّ المضلّ، الآن تخرّجتم وستبقى هناك ذكرياتٌ وذكريات مهمّة محفورة في الذهن لا تمحوها الأيام، كلٌّ منكم سيجلس بينه وبين نفسه ويتذكّر منذ أوّل يوم وضع قدمه في الجامعة إلى هذه اللحظة.. الآن شريط الذكريات سيمرّ عليكم، أنا متأكّد أنّ أفضل اللحظات هي هذه اللحظات، وأنا متأكّدٌ من ذلك.. لماذا؟.
هذه اللحظات خاصّة، نحن قدّمنا ما قدّمناه لأنّنا نريد أن نغسل أنفسنا من درن ما علق بها، لاحظوا المسيرة منذ أن وضعتم أقدامكم في هذه الأرض الكريمة، منذ بداية استقبال أخواتكم الكبيرات، أساتذتكم وأستاذاتكم، لقد رأيتم حالةً جديدة، وصدقاً هذه الحالة ليست مفتَعَلة، بل هي حالة واقعيّة، الاهتمام.. الإقبال عليكُنَّ بحالةٍ من السرور، هناك فرحةٌ ترتسم على وجوه من يستقبلكُنَّ، ثمّ بدأت المسيرة المهمّة وأنتم تؤدّون القَسَم في مكانٍ هو في غاية الجمال.. في غاية الروعة، وتشكّلون خريطةً عظيمةً فيها الشموخ وفيها التحدّي، شموخ النخيل، والنخلة شجرةٌ مثمرةٌ وقديمة، لم تهُزّها الريح ولم يخرّبها الزمن، ولم يجتثّها ما مرَّ عليها من الأعاصير، ثمّ تدخلون إلى الحرم المطهّر، وتُفرش لكم هذه السجّادات الحمراء، ثمّ يستقبلكم كوكبةٌ من الإخوة الأفاضل الأعزّاء وهم ينظرون إلى هذه القيم الحقيقيّة، بعضهم عندهم أطفال، ولسان حالهم يخاطبون أطفالهم، يقولون لهم: أنتم يا أطفالنا بيدٍ أمينة.
هذا الوجود المبارك لسيّد الشهداء(عليه السلام) وجودٌ خاصّ، أنتم تعلمون العدد الكبير الذي يقدم لنا في كلّ سنةٍ للمشاركة في هذا الحفل، صدقاً هو عددٌ هائل، لكن المكان لا يسمح لاستيعاب أكثر من هذا العدد، فيقع الاختيار على هذا العدد المحدود، والحمد لله حضراتكم منه، وهذا فيه جنبةٌ مهمّة بناتي، لاحظوا الآن، إن شاء الله كلّ بناتي في كلّ مكانٍ وبتمنّياتٍ صادقة بيني وبين الله تعالى، دائماً الرأسُ مرفوعٌ والهمّة والقامة وكلّ ما يتعلّق بالقِيَم، ممكن أن أتحدّث عن هذه المفردة الخاصّة بالتخرّج، إذ هناك بعض التصرّفات يكون الإنسانُ خجلاً منها، خَجِلاً بمعنى الكلمة، يعني لا أريد أن أعرض بشيء، لكن أتكلّم عن هذه المفردة، مفردة التخرّج، إلّا أنتم، بالعكس، أنتم تتكلّمون بقوّة عندما تقارنون أنفسكم مع غيركم، تتكلّمون بحالةٍ مُثلى عن هذا التخرّج، غيركم عندما تسألونهم كيف تخرّجت؟ -طبعاً لا أعمّم الحالات- أقصد الحالات غير الوقرة، الحالات التي لا تتناسب مع وقار وحياء المرأة، تحاول تلك الخرّيجة أن لا تجيب عن السؤال بشكلٍ مباشر، لأنّها خجلة ممّا صنعت، بينما أنتِ لا، بقوّةٍ تقولين: نعم.. تخرّجت بين الحرمين، واستُقبِلتُ أفضل استقبالٍ كأنّني ملكة، ألبسوني تاجاً من التيجان، وأبي وأمّي فرحوا بي فرحاً خاصّاً واستقبلوني استقبالاً خاصّاً، بين الحرمين بدأوا ينثرون عليّ الحلويّات والورود، كأنّني نزلتُ عليهم من السماء، وعندما زرتُ، كان الكلّ ينظرون نظرةً خاصّة، هذا لا يتكرّر أبداً والكلّ يتمنّاه، أنا سمعتُ من بعضهم في الاحتفالات السابقة، قالوا يا ليتنا تخرّجنا في هذا المكان، يا ليت يعود بنا الزمان ونتخرّج هكذا، وأنتم ستسمعونها من أهليكم إن لم تكونوا سمعتموها، هنا مكانٌ خاصّ، مكانٌ له روحانيّة خاصّة، وقد رأيتُ بعض الإخوة الأولاد -في احتفالات تخرّج الأولاد- يبكون، وبعضُ بناتنا نقلوا لي أنّ الكثير من بناتنا أيضاً يبكين.
أقول هذه هي القيمة بناتي، أمامكم إن شاء الله حياة طويلة فلا تفقدوا ما كسبتموه، الآن كلّ واحدةٍ منكنّ حصلت على درّة، أنتم سمّوها الآن (درّة التخرّج) فلا تفقدوها، عفّة وشموخ وشرف وحياء، لا تفقدوا هذه الدرّة، درّة التخرّج، أكثر من هذا ماذا نصنع؟، الباقي عليكم، ساعدونا أن نبني جيلاً يقدّس الأسرة، يحترم الأسرة، أنتم ساعدونا، أنا أُصغي إليكم من خلالِ مقترحاتكم، وإذا كان يوجد شيءٌ يُمكن أن نخدمَ به فنحن حاضرون، أيّ شيءٍ يساهم في بناء الأسرة نحن بالخدمة، كلّ الأخوات الآن في خدمتكم، لا تتوقّفوا في كلّ شيء، هذا الذي أقوله بناتي أخواتي وأستاذاتي، نحن في أتمّ الحالة الواقعيّة التي نريدها أن تكون لكم، قطعاً كلّ واحدةٍ من بناتنا الآن، المُشرِفات من منتسبي العتبة المقدّسة عندما يفرحون ببناتهم في التخرّج، يصنعون مثل ما تصنعون، ولعلّ بعضهم الآن بناتهم معكم، لا يميّزون بينهم وبينكم، يريدون الاحتفالات بهذه الطريقة، وقد وفّرنا هذه الحالة بحمد الله تبارك وتعالى.
إذن القيم مهمّة بناتي فحافظوا على القيم، لا تستوحشوا من طريق الحقّ لقلّة سالكيه، وصدقاً أنتِ امرأةٌ قويّة، لا تقولي أنا ضعيفة أبداً، أنا أكره هذه اللفظة، أنتِ قويّة بحمد الله تعالى، قويّة بمبادئك، بالقيم، كما قلت الآن، كلّ واحدةٍ معها درّة (درّة التخرج)، طالما أنّ احتفالكِ كان بهذه الطريقة، بدءاً من هذا الوقوف وترديد القسم والدخول المبارك إلى الحرم الشريف، وبين الحرمين وعند سيّد الشهداء(عليه السلام)، إلى أن رجعتم بهذه الحفاوة، والآن أنتم في هذا المكان المبارك، إذن أنتم تتمتّعون بهذه القوّة والرصانة والعفّة، إضافةً إلى الجانب العلميّ.
أتمنّى لكم إن شاء الله تعالى حياةً طيّبة، وعُمراً مفعماً إن شاء الله تعالى بالخير والإنجازات، وحفظ الله أهاليكم ومتعلّقيكم، والأستاذات الكريمات والأساتذة الذين كانت لهم بصماتٌ واضحة في تنشئة هذا الجيل الد الكريم إن شاء الله تعالى، ودعائي لكم، لا تنسونا بالدعاء خصوصاً ونحن على أعتاب الشهر المبارك شهر رمضان الكريم، استثمروا هذا الشهر بكلّ ما تملكونه من قوّة، أرانا الله تعالى فيكنّ جميعاً عزّةً وكرامةً وحياءً وعفّةً وشموخاً وأسراً كريمة بمحمّدٍ وآله، وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين، وصلّى الله على محمّدٍ وعلى آله الطيّبين الطاهرين.